حديقة دلغوشا، ممر أحلام في شيراز

حديقة دلغوشا هي واحدة من أفضل عشرة معالم سياحية في المدينة الرومانسية شيراز، وهي موقع فريد لتجربة الحديقة الفارسية التقليدية التي كانت موجودة منذ العصور القديمة. وكما يعني اسمها، فإن حديقة دلغوشا تبهج القلب بالزهور الموسمية، وأشجار الصنوبر والسرو الخضراء، وأشجار النخيل الطويلة، والرائحة الساحرة لزهر النارنج. يجتمع مجرى الماء المكسو بالبلاط الفيروزي، والبركة السداسية، مع البناء الفني، ليكونوا جاذبية فريدة من نوعها في مدينة الشعر والحب.

تقع عند سفوح جبال زاغروس، تمتد حديقة دلغوشا على مساحة 7.5 هكتار في مدينة شيراز بمحافظة فارس. كانت الحديقة في السابق ملكًا للملوك والأمراء والحاشية الإيرانيين وهي مفتوحة للزوار من الساعة 8:00 صباحًا حتى 11:00 مساءً طوال العام. يُنصح السياح بزيارة هذا العجب الساحر في فصل الربيع حيث تملأ رائحة الأزهار الحلوة الحديقة والهواء البارد المنعش، مما يخلق ذكرى رائعة، ومع ذلك فإن الفصول الأخرى تقدم أيضًا أوقاتًا مشوقة.

أكثر من 3,000 شجرة نارنج مزروعة في الحديقة والتي تزهر في أواخر أبريل وأوائل مايو، مما يخلق لحظة سحرية. تشمل أنواع أخرى من الأشجار في هذه الحديقة الحالمة البرتقال، السرو، الجوز، النخيل، الصنوبر، وأشجار الخَبّاز، التي توفر مشهدًا ممتعًا بينما يتجول الزوار على الأرصفة المرصوفة بالحصى. نظرًا لقيمتها الوطنية، تم تسجيل الحديقة في قائمة التراث الوطني الإيراني في عام 2002.

التاريخ الساحر

تم بناء هذه الحديقة الخاصة خلال الإمبراطورية الساسانية (224-651م) وتم توسيعها عبر التاريخ في سلالات مختلفة بما في ذلك الزندية والقاجارية. لقد ألهمت الحديقة تيمور، الفاتح التركي المغولي في القرن الرابع عشر، لبناء نمط مشابه من البناء في سمرقند بأوزبكستان. زار المستكشفون الأوروبيون الحديقة في العهد الصفوي. الكاتب والدبلوماسي البريطاني في القرن الثامن عشر جيمس مورير كتب عن الحديقة الرائعة في كتاب رحلاته الشهير.

تحيط بالحديقة جدران يشعر الزوار عندها برائحة الحمضيات عند باب الدخول، متبعين مجرى الماء نحو البركة، يظهر مبنى تاريخي أنيق مكون من ثلاثة طوابق. هناك أروقة من الأشجار التي توفر الظلال للزوار على طول الطريق للجلوس على المقاعد والاستمتاع بالمنظر الرائع للحديقة أو تقدير هذا الموقع من الشرفة في المبنى.

يقع القصر في وسط الحديقة وتم بناؤه خلال سلالة الزند في القرن الثامن عشر على طراز القلعة الساسانية في بيشاپور. تظهر مزيج العمارة الساسانية إلى القاجارية على الواجهة الملونة للهيكل. يرتبط عمودان أبيضان في الطابق الأول بشرفة كبيرة تطل على البركة وإطلالة الحديقة. يحتوي الطابق الثاني على قاعة كبيرة مع نوافذ خشبية محفورة كبيرة بزجاج ملون. سقف القبة الخشبية مزين بتصميمات الأرابيسك، أعمال المرايا، والزخارف الجصية ثلاثية الأبعاد المتناظرة المعروفة باسم “المقرنصات” التي تزين الجدران والأقواس. قصائد من الشوريدة (شاعر العهد الصفوي)، مكتوبة بالخط الفارسي على الجدران.

يُستخدم مبنى دلغوشا كمتحف للقطع التاريخية، في الطابق الأول تُعرض العملات القديمة، الملابس، الأوراق النقدية، ونسخة قيمة من القرآن مكتوبة على جلد الغزال، بينما يحتوي الطابق الثاني على 50 نوعًا من أجهزة الراديو.

منزل آخر رائع في حديقة دلغوشا هو مبنى سداسي الشكل معروف باسم “كلاه فرنگي” (أي القبعة الفرنسية). المبنى هو مزيج من العمارة الإيرانية والأوروبية، تم تمجيده خلال العهد القاجاري. يُعتبر هذا الهيكل في حديقة دلغوشا أول مبنى كلاه فرنگي في إيران.

كانت آخر مقيمة خاصة في هذا الموقع هي ابنة علي أكبر قوام الملك، وهو رجل دولة قاجاري مشهور، الذي تبرع بالحديقة للجمهور. تمتلك بلدية شيراز حاليًا المجمع.

تُعد حديقة دلغوشا واحدة من الأمثلة المبكرة للحدائق الفارسية التي تعرض جميع السمات التقليدية للعمارة والفن. هذه الهياكل الخضراء المستطيلة التي تهدف إلى تمثيل الجنة على الأرض منذ العصور القديمة والتي أثرت في تصميم الحدائق الهندسي حول العالم بما في ذلك حدائق تاج محل في الهند والحمراء في إسبانيا.

ترمز الحدائق الفارسية إلى العناصر الأربعة للزرادشتية: السماء، الأرض، الماء، والنباتات، التي تظهر من خلال بناء خندق ضيق لمجرى الماء مع نوافير تجري في الوسط محاطة بأشجار مثمرة وموفرة للظل، تؤدي إلى قصر أو مبنى مزخرف يقع في وسط أو نهاية الحديقة. كان نظام الري المعقد لهذه الحدائق يعتبر عملاً مبتكرًا في العمارة، حيث يتم نقل الماء عبر الجداول المعروفة باسم “جوي آب” من بئر قريب إلى خندق يسقي النباتات والأشجار.

كيفية تخطيط الرحلة

يقع هذا الموقع الساحر في شمال شرق المدينة وعلى بعد 10 دقائق سيرًا على الأقدام من ضريح الشاعر الفارسي في القرن الثالث عشر سعدي. سيكون محطة رائعة للتواصل مع الطبيعة وفهم مفهوم نمط الحياة والثقافة والسمات الفنية الإيرانية. المدخل الرئيسي لهذا المجمع متصل بشارع سعدية الجنوبي وشارع نارنجستان. سيكون لدى الزوار وصول أفضل إلى حديقة دلغوشا عن طريق وسائل النقل العامة بما في ذلك التاكسي، المترو، وحافلات المدينة.

تتطلب تجربة الزيارة تذكرتين منفصلتين للدخول إلى الحديقة والمتاحف في المبنى. ضريح الشاعر الأسطوري في القرن الرابع عشر حافظ ومسجد نصير الملك، المعروف أيضًا باسم المسجد الوردي، هي معالم أخرى قريبة من الحديقة وهي أماكن شهيرة لالتقاط صور إنستغرام. المطاعم والمقاهي القريبة تبعد فقط 7 دقائق سيرًا على الأقدام من حديقة دلغوشا.

تم استخدام حديقة دلغوشا للاحتفالات خلال العهد الصفوي في القرن الثامن عشر بما في ذلك نوروز (رأس السنة الفارسية) وليلة يلدا، بينما في القرن التاسع عشر خلال العهد القاجاري، تم الاحتفال بحفلات زواج الأمراء والمناسبات الوطنية وانتصارات الحروب. في الوقت المعاصر، تستضيف الحديقة مختلف المهرجانات الموسيقية والشعرية بالإضافة إلى عروض الزهور لإحياء الفن والقيم الإيرانية. تقدم إدارة التراث الثقافي لمحافظة فارس المزيد من المعلومات على موقعها الإلكتروني حول الاحتفالات والأحداث الجارية والمستقبلية في حديقة دلغوشا بالإضافة إلى الفنادق المتاحة والمعالم الأخرى في المدينة.